حلَّ علينا جهاز الحاسوب ضيفًا جديدًا واقتحم علينا بيوتنا وأصبح جزءًا أساسيًّا من حياتنا لا نتخيل العيش بدونه، وأصبحت الأم ترى أنه المنقذ لها خلال الإجازة الصيفية من تعطيل الأبناء لها عن أعمالها؛ حيث يمكث الأطفال أمامه معظم ساعات النهار وأحيانًا الليل متنقلين بين الألعاب وأفلام الرسوم المتحركة.
وفي أثناء الدراسة تستخدمه كوسيلةٍ للإثابة والمكافأة إذا أنجز الطفل واجباته بسرعة فيقضي أمامه وقتًا طيبًا قبل النوم أو في عطلة نهاية الأسبوع.
ونحن بدورنا نتساءل: ما الآثار الاجتماعية لاستخدام الطفل للكمبيوتر؟
وما دور الحاسوب في تحقيق تماسك أو تفكك الروابط الأسرية والعائلية والاجتماعية؟
وهل هناك علاقة بين استخدام الحاسوب والنمو الاجتماعي للطفل؟
وما السن المناسبة لتقديم الحاسوب للطفل؟
يقول (م- خ) موظف: لقد تنبهت بالفعل إلى أن أبنائي أصبحوا انطوائيين وازدادت عزلتهم بشكلٍ كبير، ولكني لم أعتقد أن جهاز الحاسوب هو السبب حتى فوجئت بأبنائي عند زيارة بعض الأقارب لنا يتجاهلونهم تمامًا ويجلسون في غرفتهم أمام الحاسوب.
ويتفق معه (س-ع) طبيب فيقول: كنا في طفولتنا نفرح جدًا عندما يزورنا بعض الأقارب وننطلق مع الصغار منهم فنخرج لهم ألعابنا الغالية فنلعب معًا في غرفتنا، أما أطفالي اليوم فيضيقون بوجود الضيوف، وإذا كان مع الضيوف أطفال لا يكلفون أنفسهم باللعب معهم ويظلون جالسين أمام الحاسوب غير عابئين بالضيوف.
أما (مروة) ربة بيت فلديها طفلٌ عمره ثماني سنوات وطفلة عمرها خمس سنوات لا تتذكر أنهما لعبا معًا لعبة ثنائية أو أنهما جلسا لتبادل الأحاديث فيما بينهما، وإن تحدثا كان الشجار حول دور مَن الآن في اللعب على الحاسوب.
وتؤكد نادية- مدرسة- أن الحاسوب أفقد الطفل سبل التواصل مع الآخرين وتقول: لقد ندمت أشد الندم على شرائه لكل واحد حتى إني أحيانًا لا أجد مَن أتحدث معه؛ فهذا مشغول في لعبة سباق السيارات وهذا لا يتزحزح من أمام أفلام الكارتون.
النمو الاجتماعي
في دراسة د. ميرون أورلينس لمؤتمر (الأسرة والتكنولوجيا والتعليم) بجامعة إلينوي 1997م، أكد أن استخدام الطفل للحاسوب ربما يؤثر على حياته الشخصية وعلاقاته الأسرية وعلاقاته بالأصدقاء، وحذَّر من تصاعد المخاوف من ضعف النمو الاجتماعي للطفل الذي يتزايد استخدامه له، وقال إن هذه المخاوف ليست جديدةً حيث أكدت الدراسات أن الدوائرَ الإلكترونية مثل التليفزيون والحاسوب وألعاب الفيديو لها نفس الخطورة على التفاعل الاجتماعي للطفل.
بينما تعرضت جوليا بيرنس في دراسة لها عن (أثر استخدام الكمبيوتر في الطفولة المبكرة على النمو الاجتماعي) لأهمية مرحلة الطفولة المبكرة في النمو الاجتماعي؛ حيث يكتسب الطفل المهارات الاجتماعية، وبالتالي يحتاج للاندماج في أنشطة اجتماعية وتفاعلية، وأكدت أن معظم الأسر للأسف تترك الطفل يستخدم الحاسوب على نحوٍ غير ملائم وفي سن مبكرة جدًا.
طفل أناني ومنعزل